عثة ثمار الخردل (Mustard fruits moth)؛ 6 أسباب لها

 

تعتبر عثة ثمار الخردل (Mustard fruits moth) من الآفات الزراعية والحشرات التي تصيب الخردل الأبيض والأسود، وقد تؤدي هذه الآفة إلى أضرار كبيرة لا يستهان بها على إنتاج الثمار والبذور والزيت الاقتصادي وخفض الإنتاج الإزراعي والمردود الاقتصادي من المادة الطبية والغذائية، فما هي مظاهر الإصابة بعثة ثمار الخردل، وكيف يمكن مكافحة عثة ثمار الخردل؟

---

نبذة بسيطة عن عثة ثمار الخردل

إن عثة ثمار الخردل هي من حشرات الفراشة الضارة الثاقبة- القارضة التي تصيب نبات الخردل بالنوعين الأسود والأبيض، وتنتشر هذه الآفة في شبه القارة الهندية، وآسيا، وشرق حوض المتوسط كسورية ولبنان. كما تؤثر هذه الآفة على زراعة الخردل وتضر بإنتاج المزارعين بما يقدر بحوالي 35% من إنتاج نبات الخردل الكلي وقد تصل إلى 60% من محصول النبات (خردل أسود، خردل أبيض).

يزرع الخردل للحصول على بذرته الزيتية، والزيت الثابت، والزيت الطيار، فهو ينفع للغاية في مجال الطب وكذلك الغذاء وصناعة الأغذية.

---

شكل الحشرة العام

إن عثة ثمار الخردل تشبه إلى حد ما حفار اوراق الخبيزة وعثة الحمضيات وبقية صانعات الأنفاق وفراشات الثمار، وفي ما يلي وصفها:

عثة ثمار الخردل الكاملة

إن الحشرة الكاملة، أو الفراشة، هي فراشة متوسطة الجمال لطيفة صغيرة، يترواح طول الجناحين الأماميين بين 10- 14- 15 مم وقد تصل 16- 17 مم. أما اللون العام فهو الرمادي المبيض المبرقش بالأزرق الفضي بالنسبة للأجنحة الأمامية، واللون البني المزركش بالبرتقالي بالنسبة للخلفية.

يرقة عثة ثمار الخردل

بينما اليرقة، أو الدودة الصغيرة، فقرمزية خمرية اللون بعض الشيء من الناحية الظهرية، وبنية مبيضة برتقالية فاتحة من الناحية البطنية السفلى للجسم ومحاطة بنقط وأرجل بنظام خاص. يبلغ طول اليرقة أو الدودة عند نضجها واكتمال النمو حوالي 17 مم. بينما رأس اليرقة فهو مغمور ومدفون في أعلى الرأس وصغير مدور داكن، بينما الصدر أي منطقة ما بعد الرأس فذو لون بني مبرقش بحلقات رمادية.

شكل العذراء عند الآفة

أما العذراء، فهي ما بعد اليرقة، او تسمى بالطور ما قبل الكامل، وهي صغيرة جدًا يصعب رؤيتها من المزارع عن بعد، وتشبه كثيرًا الفراشة الكاملة، ولكن الاختلاف هو (الحجم، والطول، توزع الأجنحة، وتدرج اللون).

“اقرأ أيضًا: عثة ثمار الفلفل الأسود“

---

الإصابة بعثة ثمار الخردل

 

تتجلى أعراض ومظاهر الإصابة بعثة ثمار الخردل من خلال مهاجمة اليرقات بأعمارها المختلفة لثمار الخردل وحفرها أنفاق متشعبة متعددة فيها، وقد تهاجم الثمرة الواحدة أكثر من يرقة، فتصبح مجوفة ضامرة فاقدة لقيمتها الغذائية وتتساقط أو تؤكل تمامًا. نتيجة لذلك، قد تظهر صموغ برتقالية صفراء راتنجية حمراء، أو بقايا نباتية خارجة من الثقب المحفور بالأنفاق.

في مناطق حوض المتوسط ترتفع فرص الإصابة بهذه الآفة إلى حد ملحوظ، ويمكن أن تصل نسبة الفاقد من الثمار والبذور والزيت الناتج إلى 70- 75% من إنتاج نبات الخردل والغلة الاقتصادية. أهم شيء هو انخفاض ملحوظ في نسبة المادة الفعالة (الغليوكيزيدات الكبريتة) التي تعزى لها أهمية زراعة النبات؛ حيث يقل إنتاج الثمار سواء من الخردل الأبيض أو الأسود.

“اقرأ أيضًا: دبور ثمار الفلفل الأسود“

---

مستوى أضرار عثة ثمار الخردل

تنبع أضرار عثة ثمار الخردل من جملة من العوامل، حيث أنها تؤدي لإتلاف جوف الثمار والبذور في مكان الإصابة، وقلة الزيت الناتج، وسقوط الثمار وتعفنها وبالتالي تدني وانخفاض المردود الزراعي من الزيت الناتج والغلة الكلية. كما يتضرر الإنتاج من المادة الفعالة (الغليكوزيدات الكبريتية) الموجودة في البذور والثمار، سواء الزيت الثابت أو الطيار أو المواد الهامة كمادة إيزوسبوسيانات الأليل.

ينجم عن ذلك في كل الأحوال ضعف إنتاج النبات، وانجذاب آفات أخرى للخردل أهمها حفار اوراق الخردل، وسوسة المخازن والحبوب، ودودة براعم الخردل. يمكن أن تنجذب آفات أخرى إلى النبات أهمها ذبابة ثمار الخردل، والحشرات القشرية الثاقبة- الماصة للعصارة النباتية (حمراء، كأسية، سوداء، برتقالية). كما يمكن أن تنجذب آفات ضارة أخرى غير حشرية للخردل منها النيماتودا.

“اقرأ أيضًا: دبور ثمار المحلب“

---

أسباب تشجع الإصابة بالعثة

إن هناك عوامل وأسباب تشجع الإصابة بعثة ثمار الخردل، و أهم العوامل ستة:

1. زراعة الخردل بكثافة عالية، وإهمال مسافات زراعته وطرق الزراعة سواء في المشتل او في الأرض الدائمة.
2. عدم نقع بذور الخردل بالماء قبل الزراعة، وعدم اختيار بذور سليمة منيعة.
3. أيضا عدم تعقيم الفلاح والمزارع للتربة التي يزرع فيها نبات الخردل، حيث يمكن أن تتواجد عذارى الفراشة أو الطور غير الكامل ضمن التربة في أنوية طينية مختبئة على عمق 8 سم.
4. أيضًا فإن التسميد غير المدروس بعناية يضعف مقاومة نبات الخردل للآفات المختلفة، وخاصة قلة وشح تسميد الآزوت النتراتي N أو زيادته عن حده المسموح، وكذلك عدم التسميد بالبوتاسيوم K السلفات لدوره الهام للوقاية من الآفات، والفسفور P المهم لنقل الطاقة في أجزاء النبات.
5. وجود الظروف البيئية المعتدلة الملائمة والمناسبة للحشرة وجسمها مثل انخفاض في درجة الرطوبة، واعتدال في مستويات درجات الحرارة في الربيع.
6. كما أن وجود او انتشار وتكاثر الأعشاب المحيطة بالحقول يسمح للعذارى بالاختباء فيها، ولأطوار الآفة بالانتقال في جوانب الحقل وانتشار الآفات الأخرى.

“اقرأ أيضًا: عثة بذور المحلب“

---

دورة حياة هذه الفراشة

طور التشتية عند الحشرة

إن طور السبات، أو السكون، عند عثة ثمار الخردل، يحصل في فصل الشتاء خاصة في تشرين الثاني/ ديسمبر و يناير/ كانون الأول، حيث تقضي الآفة فصل الشتاء، بطور اليرقات القريبة من النضج، ضمن شرانقها الترابية في مكان مخبوء بين الأعشاب أو شقوق وأجزاء النبات.

تكون اليرقات القاقسة من البيض قد انتقلت إلى أماكن مخبوءة أمينة بالنسبة لها، كشقوق البراعم والأغصان غير الواضحة، أو بين القلف الغض الفتي، أو في شقوق التربة على عمق 8 سم. تستعد الديدان بعد ذلك، وتجهز وتحمي جسمها لكي تتطور مستغلة الغذاء الوفير إلى عذارى ثم فراشات كاملة.

طور الربيع عند الفراشة

أما طور الربيع (النشاط) أو ذروة الحياة عند العثة، فيبدأ في الربيع مع بدايات نيسان/ أبريل، أو أيار/ مايو، أو آذار/ مارس، حيث تتحول اليرقات إلى عذارى بعد عشرين أو ثلاثين يوم من عمرها الأخير. بعد ذلك، تعطي فراشات كاملة على نبات الخردل خلال أواخر شهر أيار/ مايو، أو أوائل حزيران/ يونيو ثم تضع الأنثى البيض 25- 50 بيضة بعد التزاوج على الأوراق الغضة الفتية أو ما بين الثمار.

بعد حوالي أسبوع أو اثنين، يفقس البيض وتنتج عنه اليرقات الصغيرة التي تشرع في البحث عن أماكن التغذية في النبات. يكتمل نمو اليرقات تقريبا في شهر حزيران/ يونيو أو تموز/ يوليو، ثم تتحول لعذارى فحشرات كاملة بعد حوالي أسبوعين أو ثلاثة. أما فراشات الجيل 2 فتضع بيضها على ثمار الخردل في تجمعات متقاربة، ثم بعد نضج اليرقات، فإنها تلجأ لمكان مخبوء مؤمن بين القلف وتبني فيه الشرنقة الترابية المنيعة وتبقى فيها فترة طويلة حتى أوائل الربيع القادم من السنة الجديدة.

أجيال عثة ثمار الخردل

للعثة حوالي 2 جيل رئيسيين في العام، وكلاهما يحصلان على نبات الخردل في ظل الظروف المناسبة من اعتدال درجات حرارة ورطوبة.

“اقرأ أيضًا: دبور ثمار الكرز“

---

مكافحة عثة ثمار الخردل

 

لمكافحة عثة ثمار الخردل، تتبع جملة من الإجراءات الوقائية والعلاجية.

---

مكافحة وقائية من العثة

تتم وتتبع المكافحة الوقائية من العثة من خلال عناية المزارع بري نبات الخل المتوازن، وزراعة الخردل على مسافات مناسبة ونقع البذور بالماء قبل زراعتها في المشتل ثم نقلها للأرض الدائمة، وتعقيم التربة للتخلص من العذارى الساكنة للعثة بتقليب التربة بمبيد فسفوري كإندوسلفان endosulfan.

بالإضافة لذلك، يمكن تعقيم التربة بطريقة ممتازة من خلال الطاقة الشمسية، أو الاستفادة من إشعاع الشمس المباشر، من خلال أغطية بلستيكية تشبه أغطية البيوت المحمية من البولي إيتيلين الحراري توضع فوق التربة، فترتفع حرارة التربة 60 مئوية وتقتل بذلك الآفات والممرضات من يرقات وعذارى وبيوض.

يحرص الفلاح قدر الإمكان على العزيق، وقلع الأعشاب، و التعقيم التام بالطرق السابقة لأنه يقضي بصورة أكيدة وتامة على العذراى والأطوار الضارة، ويقي الخردل من أي إصابة محتملة، كما يحرص المزارع على التسميد المتوازن المدروس بالآزوت N 45 كغ للهكتار نترات الأمونيوم، والفسفور P 115 كغ للهكتار، وسلفات البوتاس K 75 كغ للهكتار.

أيضًا يجب على المزارع أن يتخلص تمامًا من الأعشاب الضارة المتكاثرة الموبوءة في بستان الخردل تمامًا، وبذلك يمنع العذارى واليرقات والأطوار الضارة من الفتك بالمحاصيل.

مكافحة علاجية من الحشرة

تتم وتتبع المكافحة العلاجية أو العلاج من العثة من خلال استعمال المبيدات الفسفو- عضوية، حيث يراعي المزارع قدر الإمكان عدم استخدام مبيدات ضارة غير منصوحة كالمبيد DDT الخطير واختيار المبيدات الجهازية- الفسفورية المنصوحة والاختيارية لكي لا تضر بنحل التقليح المهم الذي يلقح الأشجار والشجيرات والمحاصيل ويفيد في زيادة الإخصاب والتلقيح.

يفضل بقوة استعمال مبيدات الحشرات الفوسفورية الجهازية المتخصصة، حيث يمكن استخدام المبيد الرائع المثبت فعاليته أسيتا مبريد Acetamiprid insectacide. ويجوز أيضًا استعمال المبيد القوي جوزاثيون أزنفوس ميثيل azinphos- methyl بالرش على الأجزاء المصابة.

---

إجراءات الإدارة المتكاملة للحشرة

تتم الإدارة المتكاملة لحشرة عثة ثمار الخردل من خلال الحراثة السطحية للتربة قبل الزراعة، وتجهيز البذور للزراعة حيث تنقع عدة أسابيع بماء يتم تبديله باستمرار. بعد النقع تزرع في مساطب بأبعاد 35× 20× 2 ثم تنقل للأرض الدائمة. يمكن أيضًا للمزارع أن يعتني بتركيب مصائد الفراشات مزودة بطعم مع المبيد كرباريل Carbaryl.

يفضل أيضًا أن يعتني المزارع بالتخلص من بقية الآفات، الفطرية، والبكتيرية، من خلال الرش الوقائي بالمبيدات المنصوحة، والمبيدات الفطرية، كالمبيد القوي المثبت نجاحه مانكوزيب Mancozeb funjacide. كما يمكن للمزارع أن يستعمل مصائد لصيد الفراشة خاصة ومكفولة (ماكفيل) ومنها مصائد الطعوم الجاذبة، والمصائد الفرمونية الجنسية، والبلاستيكية، ويعلقها على النبات مع طعم سام بتركيز قليل+ مبيد كرباريل Carbaryl لصيد نطاطات وفراشات الأنفاق جميعها والديدان مع هذه العثة على السواء.

---

بذلك؛ نكون قد تعرفنا على عثة ثمار الخردل ومدى خطورتها على النبات وإنتاجه من المادة الطبية الفعالة، كما نكون قد أحطنا العلم بدورة الحياة لتحديد موعد المكافحة، والمبيدات المتخصصة الجهازية المستخدمة، وسبل المكافحة التامة والوقاية والعلاج الأفضل. إن الخردل له أهمية طبية وغذائية وصناعية كبيرة ويجب على المزارع العناية به من الآفات ومن ضمنها هذه العثة الضارة والخطيرة.