تربس البطاطا (Potato thrips)؛ أهم 5 عوامل تشجع الإصابة به في الحقول

يعتبر تربس البطاطا (Potato thrips) من الآفات الزراعية التي تصيب محصول البطاطا وتضعف إنتاجه ومردود المزارع، ويسبب هذا التربس خسائر في أوراق ودرنات البطاطا إلى حد قد يكون كبيرًا مع إهمال المزارع لبرنامج المكافحة والوقاية السليمة، فما هي علامات ومظاهر الإصابة بتربس البطاطا، وكيف يمكن مكافحة تربس البطاطا عند حدوث الضرر؟

---

آفة تربس البطاطا

تعد حشرة تربس البطاطا من الحشرات الاقتصادية التي تصيب محصول البطاطا في الزراعة الحقلية، ويحصل هذا في مناطق زراعة البطاطا المهملة زراعيًا خاصة. كما تهاجم هذه الحشرة النباتات الأخرى التي توجد في حقول البطاطا كالعائلة الباذنجانية والقرعية والعنابية والبقولية وغيرها. تنتشر هذه الآفة في مناطق زراعة البطاطا حول العالم، كآسيا الشرقية والغربية، ودول شرق المتوسط بصورة خاصة، لملائمة المناخ والظروف البيئية لهذه الحشرة وخاصة الرطوبة والحرارة المعتدلة المتوسطية.

---

وصف التربس

إن حشرة تربس البطاطا هي حشرة صغيرة مثل حشرات المن والبق الدقيقي وتشبه مثيلاتها من حشرات التربس كتربس القطن وغيرها.

الحشرة الكاملة

إن الحشرة الكاملة لا يزيد طولها عن 3 مم، اللون العام برتقالي، وسطح الجسم مقسم ومتطاول كالإبرة الطويلة الرفيعة وتشبه حشرة إبرة العجوز الأوروبية. بينما الأجنحة في هذا التربس والأرجل وقرني الاستشعار فبلون أصفر مبيض أقل غمقًا من لون بقية الجسم.

حوريات تربس البطاطا

أما الحوريات أو الأطوار غير الكاملة فتكون بلون أبيض باهت أو فاتح في الأعمار الصغيرة، ثم يتدرج متحولاً إلى اللون البرتقالي الغامق مع التقدم في عمر الحورية، والحوريات أصغر من التربسات الكاملة.

“اقرأ أيضًا: عثة ثمار التين“

---

الإصابة بتربس البطاطا

 

تتجلى مظاهر وأعراض الإصابة بتربس البطاطا، في صورة امتصاص للعصارة النباتية الخلوية ضمن نسجة أوراق البطاطا والفروع الغضة بصورة خاصة. تهاجم التربسات الكاملة وغير الكاملة طبقة البشرة للأوراق، ثم تتغذى بامتصاص عصارتها، فتصفر الأوراق ونموات البطاطا الغضة الفتية والحديثة عمرًا وتصيبها قروح رمادية في ما يشبه مساحات بيضاء محبحبة متكتلة وصغيرة بشكل مستعمرة. يغطى سطح أوراق البطاطا المصابة بنقاط مبيضة باهتة من مفرزات التربسات وانسلاخاتها، فيعيق ذلك تنفس الأوراق وتتدهور القيمة التجارية لمحصول الباطاطا الكلي الناتج ويصل الضرر إلى 87%، رغم أن التربس لا يهاجم الدرنات تحت سطح التربة. أيضًا، فمن أعراض الإصابة تشوه الورقة المصابة وتجعد حوافها ثم تسقط أو تبقى في حالة مشوهة على النبات، كما تشتد الإصابة في مناطق الزراعات الكثيفة من البطاطا وحيث لا يعنى المزارعون بمسافات الزراعة وخطورة الكثافة النباتية الزائدة التي تمنع الغذاء والهواء وتنشر الأمراض والحشرات.

---

خطورة تربس البطاطا

تنبع خطورة تربس البطاطا، من أن هذه الآفة تضعف نبات البطاطا في أماكن الإصابة من أوراق وفروع غضة، مما يؤدي لانجذاب حشرات أخرى إلى الحقول المصابة كحافرة أوراق البندورة Tuta absoluta وفراشة الطماطم وصانعات الأنفاق والعث والذباب وغيرها. نخص من الآفات التي يمكن أن تنجذب حالوش البطاطا Gryllotalpa gryllotalpa وحفار الذرة الأوروبي والدودة السلكية المخططة التي تقرض درنات البطاطا تحت سطح التربة. يمكن أيضًا أن تنجذب آفات أخرى غير حشرية، كالفطريات مثل البياض الدقيقي، والبياض الزغبي للباطاطا. مع تداخل الآفات، وتفاقم الخطورة ضمن حقول البطاطا المصابة، قد يضطر المزارع لتطبيق المكافحة المتكاملة للآفات الزراعية IPM لوقاية محصول البطاطا وتجنب الخسارة الاقتصادية، وبالتالي تجنب التكاليف الزائدة في حال تضرر المحصول والقضاء عليه من قبل التربسات التي تتكاثر بسرعة وقوة.

---

دورة حياة الحشرة

 

تتميز حشرة تربس البطاطا بتكاثر لا جنسي بصورة أساسية، نظرًا لندرة الذكور.

التكاثر اللا جنسي للآفة

تضع أنثى التربس البيض بحوالي 50- 100 بيضة ضمن أجزاء نبات البطاطا تحت بشرة الأوراق المصابة أو ضمن حوامل البراعم الغضة والنموات الفتية. يمكن أن يوضع أيضًا في زوايا الأفرع المتشابكة والمتزاحمة القريبة من سطح التربة في حال زيادة الكثافة وعدم الاهتمام بعمليات تقليم فروع البطاطا. يفقس البيض بعد حوالي 3-4 أسابيع أو أقل حسب درجات الحرارة والرطوبة المتوفرة في حقول البطاطا والخضار، ثم تخرج الحوريات من البيض وتبدأ عملها في امتصاص عصارة النبات الخلوية وإضعاف الأوراق والأفرع والحالة العامة للمحصول.

متابعة تطور التربس

تشرع التربسات الصغيرة أو الحوريات في امتصاص العصارة النباتية وخاصة ما بين الأنسجة البرانشيمية لأوراق الباطاطا فتظهر أعراض الإصابة خلال أيام معدودة، ثم تتابع تطورها فتعطي التربسات الكاملة. قد تعيش الحشرات الكاملة فترة تمتد لعدة أسابيع أو لشهرين في حال توافر الظروف الملائمة، كما تبين أن تطور هذا التربس يحتاج لرطوبة عالية بحوالي 80- 85% في حقول البطاطا. أيضًا فإن عذراى هذا التربس تموت إذا انخفضت الرطوبة عن الحد الملائم لفزيولوجيا جسم التربس في الحقول المصابة، وكذلك فهي تحتاج لحرارة مناسبة تفوق 28- 30 مئوية.

أجيال تربس البطاطا

يختلف عدد الأجيال، حسب درجات الحرارة، والظروف البيئية السائدة وخاصة الرطوبة عمومًا، فإن لهذا التربس حوالي 3-4 أجيال سنويًا في حقول البطاطا متوسطة الرطوبة، و 5- 6 أجيال في الحقول مرتفعة الرطوبة.

“اقرأ أيضًا: حشرة اللوز القشرية الحمراء“

---

مراقبة المزارع للحقل المصاب بالآفة

يجب أن يراقب المزارع الحقل المصاب بتربس البطاطا بصورة دورية، وهذا يتم من خلال مجموعة من النقاط الهامة التي يجب أن يراعيها كل فلاح ومزارع باطاطا:

• مراقبة حقول وأماكن زراعة الباطاطا بصورة دورية على دفعات، الأولى في نيسان/ أبريل، والثانية في أيار/ مايو، وتكرر المراقبة كل شهرين.
• مراقبة الأوراق والأفرع على نباتات الباطاطا بصورة ممنهجة ومواظبة يومية، وتسجيل أي إصابات محتملة من مساحات بيضاء أو أي أعراض إصابة بالتربس.
• أخذ المزارع لاستشارة من فني زراعي مختص أو مهندس زراعي أخصائي بوقاية النبات، وإطلاعه على حقل الباطاطا المشكوك في أمره وأخذ أي إرشادات على محمل الجد.
• تجنب اتخاذ أي إجراءات غير مدروسة في حقول الباطاطا كاستعمال مبيدات دون استشارة، أو مبيدات ضارة كالمبيد DDT أو المبيد لامبدا سايهالوثرين، والمبيدات المعتمدة علل الفحم المكلور، أو تطبيق مكافحة كيميائية جائرة، وغيرها.

---

عوامل تشجع الإصابة بالتربس

هناك عوامل تشجع الإصابة بتربس البطاطا، وأهم العوامل خمسة:

1. إهمال مسافات الزراعة الملائمة لزراعة الباطاطا ضمن حقول الخضار.
2. ارتفاع الكثافة النباتية في حقول البطاطا نتيجة عدم إلمام المزارع بالطريقة السليمة للزراعة، وزيادة الكثافة النباتية.
3. كما أن ارتفاع الرطوبة عن 60% في حقول البطاطا يشجع هذا التربس كثيرًا لكي يصيب المحصول، وخاصة عند رطوبة 70- 80%.
4. عدم عناية المزارع بالحالة العامة لحقل البطاطا من تسميد، وري، وتعشيب، وعزيق.
5. وجود الأعشاب الضارة في حقل البطاطا بصورة موبوءة يشجع عذارى التربسات على التكاثر والتنقل بين المحصول.

“اقرأ أيضًا: وزواز الزيتون“

---

مكافحة تربس البطاطا

 

لمكافحة تربس البطاطا، تتبع جملة من الإجراءات الوقائية والعلاجية.

مكافحة وقائية من التربس

تتم المكافحة الوقائية بتجنب المزارع للكثافة النباتية العالية في حقول الباطاطا، فهي تشجع تكاثر الآفات وانتقالها وتمنع التهوية والتنفس عن النباتات وتزيد فرص الإصابة بالتربسات والحشرات. أيضًا يجب أن تتم زراعة الباطاطا على مسافات مناسبة، وهي 45 سم بين السطور و 45 سم بين النباتات. كما يتخلص المزارع من الأعشاب الضارة في حقل البطاطا بصورة تامة، ويعتني بري الحقل بطريقة متوازنة. أيضًا، فإن زيادة الرطوبة في حقول البطاطا تشجع الإصابة بالتربس، لذلك، يخفف المزارع الرطوبة قدر الإمكان من خلال عدم زيادة الري عن حده، فيجب أن يكون الري منتظم، حيث يفضل استعمال الري بالتنقيط وأسلوب التسميد بالأسمدة الذوابة مع مياه الري، وبهذا تزداد مقاومة نباتات البطاطا.

مكافحة علاجية من الآفة

تتم المكافحة العلاجية بمجرد أن تستدعي الخطورة استعمال المبيد في حقول البطاطا، أي ظهور أعراض الإصابة بما يجعل أعداد المجتمع الحشري خطيرة، حيث تتم المكافحة من خلال أحد المبيدات الفوسفو- عضوية. يمكن استعمال المبيد دايمثوات Dimethoate بالرش على أوراق وفروع البطاطا. كما يعطي المبيد مالاثيون Malathion نتائج جيدة في حقول البطاطا المصابة وخاصة في حال تداخل آفات أخرى مع التربس كالمن والحشرات القشرية، ويمكن أيضًا استعمال المبيد باراثيون ميثيل Parathion- methyl أو ميتا سيستوكس بالرش على الأجزاء المصابة من فروع وأوراق.

حلقة استعمال المبيدات ضد التربس

حرصًا على منع مقاومة الآفات للمبيدات ضمن حقول البطاطا يلجأ إلى تطبيق حلقة لاستعمال المبيدات، حيث في الموسم الأول للإصابة بالتربس يستعمل المبيد ديمتون إس مثيل Dimeton-S-Methyl أو ديمتون Dimeton. أما في الموسم التالي فيستعمل المبيد باراثيون ميثيل Parathion methyl بالرش على أوراق وأفرع البطاطا، وفي الموسم الثالث فالمبيد يكون مالاثيون (Malathion)، مع مراعاة الرش في منتصف الربيع في بدايات أيار/ مايو. بالإضافة لذلك، يجب تغيير الحلقة السابقة نفسها كل 9 سنوات من أجل مكافحة دقيقة ولكي لا تكوّن التربسات سلالات مقاومة في حقول البطاطا المصابة والمتضررة.

“اقرأ أيضًا: حشرة من الجانرك“

---

إجراءات الإدارة المتكاملة للآفة

إن الإدارة المتكاملة لتربس البطاطا تتم من خلال جملة من الإجراءات الزراعية والميكانيكية والعلاجية والعنائية. يعتمد المزارع على حراثة عميقة أولية لترب البطاطا بحوالي 25-35 سم، يتبعها حراثة سطحية 10- 14 سم لتنعيم وتفتيت التربة والتخلص من عذارى وبيوض الآفات ومنها التربسات. كما يتم استعمال مصائد خاصة كرتونية أو خشبية توزع في حقل البطاطا والخضار لصيد فراشات الأنفاق كحفار الذرة الأوروبي وحفارة أوراق البندورة Tuta absulota ودودة لوز القطن Helicoverpa armigera وديدان الثمار وفراشة البطاطا وغيرها. كما يعتمد المزاع على استعمال سماد بلدي متخمر لمدة لا تقل عن 6-8 سنوات ثم نشره وتوزيعه في حقول البطاطا، والتسميد بالآزوت على ثلاث دفعات. أيضًا، يستعمل المزارع مبيدات فطرية للقضاء على الفطور التي تحب الرطوبة، لأن وجود التربس يشجع الأمراض الفطرية، من خلال استعمال المبيد مانكوزيب Mancozeb funjacide على أوراق الباطاطا والأفرع. كما يراعي المزارع قدر الإمكان تجنب الكثافة النباتية في حقول الباطاطا وإعطاء مساحة غذائية كافية لكل نبات منفردًا ليحصل على نصيبه من تهوية وغذاء وإضاءة وسماد وماء.

---

بذلك؛ نكون قد تعرفنا على تربس البطاطا ومدى خطورته في حال تفاقم الإصابة ضمن الحقول. كما يكون المزارع قد تعرف على سبل الوقاية والعلاج الممكن لهذا التربس وبرنامج الإدارة المطبق في حقل الباطاطا المصاب، حيث يسبب هذا التربس أضرار لا يستهان بها في زراعة الباطاطا الحقلية ولا بد من التعامل معه.